الأوضاع السياسة - الاقتصادية للمرأة المسلمة الهندية بقلم البروفيسور ظهور محمد خان
(1)
إن المرأة المسلمة في الهند ليست جماعة وحيدة بل هناك عناصر سائدة للخواص المتغيرة والتنوعات الإقليمية، والخصائص الطبقية بخصوص المرأة المسلمة، فبالتالي لا بد من معالجة الأوضاع الاجتماعية-الاقتصادية للمرأة المسلمة الهندية بتحليل واسع وشكل عام، وهذا سؤال مهم يستغرق بحوالي 65 مليون نسمة من المرأة المسلمة على نطاق البلاد، ومع ذلك إن الحقائق المعنية الديموغرافية- باستثناء نسبة الجنس- الثابت بالإحصائيات، أمثال معدل المرأة والأمراض بين أنثى الأطفال، والأغذية الناقصة وغير الوافية، والأنيمية الغذائية بين المرأة، ووفيات الأم، والمعدلات المنخفضة في نسبة مجال التعليم ونسبة تعليم المرأة بوجه خاص، تكشف عن أحوال سيئة متردية للمرأة المسلمة في الهند. وإن إحصائية عام 2001م تؤيد الآراء والنظريات بهذا الخصوص إلى حد بالغ، في الواقع إن حالة المرأة في الهند متردية جداً بالنسبة للأوضاع العادية، و المرأة المسلمة تأتي في مؤخر الموكب بالمقارنة للشعوب الأخرى ما عدا مرآة الطبقات المنحطة والقبائل المنبوذة وإن هذا الاتجاه لا يزال يستمر لأن المرأة المسلمة لا تتمتع بالمراعاة والممنوحات التي تتمتع بها هي الأولى، والأسباب لهذه الأوضاع السائدة متنوعة بما فيها الحملة المتواصلة التصفيحية المرأة المسلمة عبر المحاولات المكثفة المركزة والمنظمة، من الحقيقة الموثوقة أن التصفيحية شرط أساسي للتميز الاجتماعي وبوجه أخص لما تنفخ الحقائق الثقافية الاجتماعية الشدة والأهمية في التميزات، ولعل ذلك هو السبب في انتشار وازدهار التصفيحية الخاصة المعنية في العقد الأخير بصورة منظمة عن الشعب المسلم والمرأة المسلمة بوجه أخص.
وحاليا، تبذل هناك محاولات مكثفة لاستغلال الفرصة حتى على أساس أعداد غير منضبطة لإحصائية عام 2001م المعتمدة على الجماعات الدينية المقدمة من قبل الهيئة الإحصائية. والفرصة كانت في الواقع قصيرة للغاية لا تجاوز يوما واحداً، حيث نشرت الأعداد الحقيقة الواضحة في اليوم الثاني، ومن الممكن أن لا ينفق أحد بها لكن الحرب القومي الهندي والحزب الهندوسي العالمي تقدموا لتعزيز التميزات المسلمة المزعومة، وإيصال موجة البعض والكراهية إلى المستوي الأهلي الاجتماعي خطر جدا،ً وهذا بالإضافة إلى المعاناة التي يكابدها المسلمون كشعب، إن هذا الجانب جانب "الأوضاع الاجتماعية- السياسية والتعليمية للمرأة المسلمة في الهند" واسع ومعقد إلى أقصى حد، ومع أن مكانة المرأة المسلمة معيارياً بارزة ورفيعة جداً.
والتعليمات القرآنية أيضا تؤيد ذلك، ومن المحقق واسعاً أن القرآن يمنح المكانة العليا للمرأة ويؤيد على التعامل اللائق والمعادل مع الرجل والمرأة، ثانياً تتضح مكانتها على أساس مدي أهمية قوة حكمها في الأمور والقضايا الاجتماعية - الثقافية المهمة، و إن أمور الزواج ومناسبات الأفراح والأعياد، وإكرام الضيوف ومراعاة الأواصر والعلاقات الاجتماعية ترجع إلى رضا ربة البيت، وكلما تكبر سناً تزداد مكانتها وقوتها، ولكن من حيث الواقع والإشكالية إن أوضاع المرأة متردية للغاية.
وإن هذا الوضع يسبب القلق والتحدي لكل من الإسلاميين والاشتراكيين في سياق إجراء التحليلات والدراسات علمياً للأسباب والعوامل. ووضع خطة عملية بالنظر إلى السياق المتنامي الإيجابي الإصلاحي لأوضاع المرأة المسلمة السيئة هناك عوامل وأسباب مختلفة مسئولة عن الحالة السيئة للمرأة المسلمة خاصة في مناطق شمالية وغربية للبلاد، و إن الأسباب ليست على وجه الحصر وتعكس التميزات الممزوجة الخليطة والتاريخية للأنماط الهندية، والاجتماع والثقافة والديانة والقانون والاقتصاد والسياسة من أهم الأسباب وأوسعها، والتي يتحدث عنها الناس في معظم الأحيان، وبما أن هذه الأسباب معلومة على نطاق واسع لم نذكرها ههنا لضيق الوقف، وإن كان من الواضح أن معظم الدراسات بما فيها تقرير اللجنة الوطنية للمرأة، تتحدث عن النتائج القادمة عن أوضاع المرأة المسلمة الاجتماعية والاقتصادية، وإن قلة الوسائل لتولي الملكية مع الإنجازات التعليمية البسيطة والنموذج الوظيفي كل هذا قد جعل الحياة أكثر تعقدا ومشكلة، مما سبب إلى التزاحم للنشاطات والوظائف ذات التكاليف الضئيلة وتزايد سكان المسلمين في المناطق المتخلفة اقتصاديا من البلاد. وإن هذا التباين الاقتصادي واضح جداً بين المرأة المسلمة والهندوسية بالمجموع.
ومن المعتقدات المزعومة تجاه المرأة المسلمة أن الإسلام يمنعها من إحراز الإمكانية المعادلة في المجالات الاقتصادية والتعليمية، ومن الحقيقة أيضاً أن عناصر البيئة التقليدية المرسومة وفقدان البنية المنظمة للإصلاح أيضاً قد أساءت إلى أوضاعها كثيرا، ولكن هذه الدراسات تكشف عن حقيقة أن هذه النتيجة المؤسفة إنما هي بسبب الإمكانية الاجتماعية -الاقتصادية الضئيلة أكثر منها بسبب الدين، وأيضاً يتضح من هذه المسحات الميدانية والدراسات والتحليلات أن العوائق المالية و الفوارق الجنسية تسود على أي سبب آخر في جميع الشعوب والجماعات الطبقية. لكن مما لا شك فيه أن أوضاع المرأة المسلمة وازعة تماما عن الطمأنينة وتحتاج إلى تحسين أوضاعها على الفور عن طريق معايير تفويض الحقوق المؤثرة. وقد استنتجت ارشنا شتر ويدي في مؤلفها "موسوعة المرأة المسلمة" "أن المرأة المسلمة بقيت متخلفة ومحرومة ومظلومة إلى حد كبير، ولا تزال غير مثقفة، وبعيدة عن جميع الوسائل والموارد وضحية برغم المحاولات الإصلاحية من قبل الحركات الإسلامية".
وهناك عديد من الاتجاهات المعوقة السلبية التي تساهم في إفساد وإساءة الأحوال بخصوص المرأة المسلمة، وإن التفاصيل أيضا لا تنشر بمجرد أنها كثيرة جداً وواضحة على نطاق واسع، وإن منظمة العفو الدولية ومنظمة الحقوق الإنسانية والإعلام قد وفرت شهادات ودلائل وافية عن هذه الاتجاهات السلبية، بما فيها نشر العنف والصراع، وبوجه أخص عبر الاضطرابات الطائفية وحملات لنشر الإكراه والبغض المنظمة من قبل المصالح الثابتة، وعبر العمليات الفعالة لميكانية إيجاد الأسطورة، ونشر الجرائم المتعلقة بالمرأة، وتعرية البنيات المعنية للتنظيم السياسي- الثقافي، والفسادات الجامعة على جميع المستويات، والحالة المتأزمة في الوكالات الرسمية، والنظام القانوني المتصف بميزة التأجيل والإسراف، ودور المجتمع المتمدن الناقص و وضعه الموات لقبول الوصف القولبى للمرأة المسلمة، وفقدان البنيات الدينية الموحدة والقوية، ومخاوف تهمة الاسترضاء في الأحزاب السياسية وغيرها، وهذه القائمة لها نهاية قاصية. ولكن من الجدير جداً أن نشير هنا إلى نقطة مهمة لم تكن هناك أي حملة لائقة ومؤثرة قوية في هذا السياق غير المحاولات الفردية في الماضي القريب التي تستحق الثناء والتقدير، ولكن مثل هذه القضايا لا بد أن تطرح وتناول على أوسع النطاق وأعلاه.
(2)
ولا يمكن التغاضي عن الحقيقة أن تعقيدات القضايا المتعلقة بأحوال المرأة المسلمة تحتاج إلى مطالعة شاملة ودراسة واسعة ذات النواحي المختلفة والأبعاد المترامية، والتي تشتمل على الظواهر المتعلقة بالعناصر السيكالوجية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية والتعليمية المسئولة عن رسم تشكيل فكرة خاصة، لا بد أن تجري مثل هذه المطالعات على جميع المستويات بصورة لازمة، ولكن الذي يحتاج الاهتمام البالغ هو تحليل تلك القطاعات والاتجاهات المتنامية التي يمكن من خلالها توفير الإمكانيات الكثيرة وحرية العمل وسعة للقيام بالعمليات والمهام الخطيرة للمرأة الهندية بوجه عام وللمرأة المسلمة على وجه الخصوص، وليست المرأة المسلمة عملاً وحيدا بل إنها جديرة بأن تساهم مع جميع فصائل المجتمع الهندي الأخرى في إحراز إمكانية العمل والقيام بالمهام العظام جديرة بأن تعتبر كجزء من كافة المرأة الهندية، التي هي مؤهلة بأن تلعب دوراً متنوعاً مع قدرات مختلفة كبطل اقتصادي واجتماعي وثقافي وسياسي، وهي تساهم في جميع العمليات وتعاني من جميع الصعوبات والعلل، وأن لا تكون قضاياها محدودة في إطار الزواج والطلاق والرعاية وبالتالي لا بد أن تناول المطالعة حول المرأة المسلمة الهندية الاتجاهات السائدة على المستوي الوطني والدولي، وهذا سوف يفضي إلى اتخاذ الاستراتيجيات وجداول الأعمال إزاء القطاعات المعنية.
وإن الدلالات الإيجابية الأولية في عالم المرأة المسلمة تعكس بيئة متغيرة على المعايير الوطنية والدولية، وإن التقرير الحالي للجنة الوطنية للمرأة تشير إلى ضرورة التغير البيئ نحو إحراز المرأة الإمكانيات الجيدة في مجال الاقتصاد والتعليم، وإن بعض المنظمات أمثال الدراسات الإسلامية ومركز الدراسات الاجتماعية والعلمانية بمبائى، ومعهد الدراسات الموضوعية بنيو دلهي، وغيرها من المنظمات الأخرى تتناول وتناقش القضايا المختلفة المتعلقة بتمكين المرأة المسلمة، حتى إن هيئة الأحوال الشخصية قد نظمت دورة مفتوحة بالممثلات المرأة وكما أن منتدي المرأة المسلمة أيضاً نشيطة، بالإضافة إلى الحركات الإصلاحية المسلمة أمثال ندوة المجاهدين والجماعة الإسلامية التي أيضا اهتمت بتنظيم منظمات المرأة على أساسها، وتحاول إيجاد الوعي الجديد. وإن العمليات مستمرة وسوف تأتي بنتائج، والمرأة في كثير البلدان المسلمة نحو التقدم والازدهار وهناك كل من الحركات الإسلامية والعلمانية في العالم الإسلامي تعكس التغيرات، وكما أن في بعض البلدان المسلمة قد ظهرت المرأة الخبيرة بالعلوم الدينية بالمعرفة الشاملة للقرآن والعلوم الإسلامية والدين والشريعة، وهناك عديد من المرأة الشهيرة الخبيرة بالعلوم الدينية أمثال فاطمة المر ساني من ماروكوا وأمنية ودود ورفعت حسن من الولايات المتحدة الأمريكية، بجانب عديد من المنظمات الشهيرة للمرأة أمثال منظمة" الأخت في الإسلام" بماليزيا ومنظمة" شركت كاة بباكستان وما إلى ذلك، ومن البين أن دولة إيران المسلمة لها دور نشيط في سياق حركات المرأة، وكل هذه تبذل جهدها بغاية من النشاط والفعالية لا سيما في جميع مجالات العمل وهي تشكل عددا كبيرا في البرلمان الهندي أيضاً، وهناك مثال أخر بإندونيسيا حيث ساهمت المرأة في التعليم العالي بعدد لا بأس به، وهناك عددها هائل في الجامعات الإسلامية والحركات القوية لحقوق المرأة، ووفق أعداد عام 2000 قد مثلت النساء السعوديات تفوقا كبيرا على الرجال في تعليم درجة البكالوريس بمعدل 58 في المائة من مجموعة 3200 طلبة وكما إن دولة جوردن قد قامت بتعديل قانونها نحو تفويض الحقوق للرجال والمرأة على السواء، وأن هذه الاتجاهات ملموسة في كثير من البلدان أمثال باكستان وبنغلاديش وغيرهما أيضا، فبالتالي لم تكن عالم المرأة جامداً بل إنما هو نحو التقدم والحركة، وكما لا بد من العناية البالغة إزاء توجيه خاص لتحقيق محاولاتها نحو تشغيل الوظائف في القطاعات الاقتصادية والتعليمية.
وإن الدائرة النامية المهمة هي إحداث التغيير في نموذج التطور كفكرة، ومنذ منتصف عام 1980م هناك إدراك متنامي بأن ليس مجموع الإنتاج الوطني هو الأساس الحقيقي للتطورات بل الصلاح والرفاهية للكائن البشرى، يقول الأستاذ محبوب الحق "قد تناولنا جميع القضايا من وجهة صالح وأفضلية الناس، هل هم يساهمون في التطور الاقتصادي ويحصلون منه على الفوائد؟ وهل لهم الحرية الكاملة نحو إحراز الإمكانيات لتوسيع نطاق التجارة؟ وهل توسع اختياراتهم بالتكنالوجيا الجديد؟ وهل يؤدي التوسيع الاقتصادي إلى النمو في إمكانية الوظائف أو إلى التعطل منها؟ وهل تكون السوق الحرة مفتوحة لجميع الناس" كما أن أمرتيا سين أكدت على تنمة وتنشئة الكفاءات الإنسانية وتوسيع الاختيارات نموذج أولوى للتطور، وإن الهدف الرئيسي للتطورات هو توسيع اختيارات الناس، وإن تقرير التطور الإنساني لعام 1996م قد وضح جيداً أن النماذج المتطورة المكثفة بالرجال يمكن تقسيمها إلى طبقتين (الف) أن الناس وسيلة التطور وغايته، (ب) الثقافة تلعب دوراً مهما في العمليات التطويرية، ولا بد للقطاعات المعنية بوجه عام وللمرأة المسلمة بوجه خاص أن تحاول تحليل القضايا والمشاكل في سياق هذا التغير في النموذج.
ولا شك أن الحكومة الهندية التعاقبية في الهند الحرة قد تجنبت عن معالجة المسلمين بشكل واضح في الهند وعن اتخاذ أي معيار تشريعي لمكافحة التمييز والاستغلال ضد المرأة المسلمة، والأسباب بينة جدا لأن مثل هذه القضايا تطبع في شكل واحد أو أخر، ولكن مثل هذه السياسة تعارض مساهمة الهند في صالح البشرية والدستور وقد أوضح القاضي عزيز مبشر الأحمدي في خطابة حول مادة الحادي والعشرين: "لحقوق المستمدة من العدالة كحقوق أساسية" الذي ألقاه في 14 سبتمبر عام 2003م في ندوة عقدها معهد الدراسات الموضوعية، بأن نطاق الحقوق الأساسية تنميها القرارات العدلية، ومادة حادي وعشرين إنما هي حق للحياة، وإن المحكمة العليا قد عزمت على توسيع نطاق هذه المادة على أساس اكتشاف منهج محايد ومعتدل لهذه المادة، فإذا كانت الحياة مقصورة على البقاء على أساس الخضراوات ولمجرد التنفس، فليست لهذه المادة أي أهمية، فهناك ينشأ سؤال: ما هي المقومات لتعيين مفهوم الحياة؟ وإن العدالة قد وفرت مقومات جديدة و زادت معني الحياة بإضافة مفاهيم "التعليم" و"الكرامة" و" السرية" و "البيئة" وإلى ذلك وهي تؤكد على أن هناك في بلادنا جمهرة من الناس ليس لها المعرفة عن حقوقها فإن هذا يفتح أفقا جديداً كي يحدث فرص ومواقع لمعالجة قضايا الجميع بما فيها المرأة المسلمة والوعي مفتاح استغلال الفرص.
وكذلك يمكن ذكر هذه النقاط في مصطلح المقومات ذات القرائن بعناوين تالية:
(ألف) التوكيد المتزايد على الحقوق الإنسانية وانتها كها
(ب) تنمية ميتادولوجيات وتقنيات بحث واستعراض العلوم الاجتماعية
(ج) التحركية الاجتماعية من المناطق الريفية إلى المراكز الحضرية.
(د) الاستغلال المتصاعد للتكنالوجيا الإعلام واستعمال الميكانيكية المتفوقة.
(و) حملات لإيجاد الوعي إزاء القوة السياسية المتنامية للمرأة المسلمة.
(ز) دور الجماعات التمويلية المتطوعة والمنظمات غير الحكومية.
على كل هناك عديد من القضايا والمشاكل المتعلقة بالمرأة المسلمة في الهند، لكنها تحتاج إلى أن تحلل وتستعرض بمنظور خاص، وإن مكانتها وأوضاعها منوطة برقيها الاقتصادي والتعليمي، ثانيا! لا بد من إحداث حركة قوية نشيطة لبدأ الحوار فيما بين الشعوب لمنح الفرص للمرأة المسلمة المنطلقة من السياق الإيجابي المنتامي.
البروفيسور ظهور محمد خان، يدرس مادة العلوم السياسية، بالجامعة المللية الإسلامية، بنيو دلهي، الهند.
|